المتنبي
صَحِبَ النّاسُ قَبلَنا ذا الزّمَانَا ... وَعَنَاهُمْ مِن شأنِهِ مَا عَنَانَاوَتَوَلّوْا بِغُصّةٍ كُلّهُمْ مِنْــهُ ... وَإنْ سَرّ بَعْضَهُمْ أحْيَانَا
رُبّمَا تُحسِنُ الصّنيعَ لَيَالِيــهِ ... وَلَكِنْ تُكَدّرُ الإحْسَانَا
وَكَأنّا لم يَرْضَ فينَا برَيْبِ ... الــدّهْرِ حتى أعَانَهُ مَنْ أعَانَا
وَمُرَادُ النّفُوسِ أصْغَرُ من أنْ ... تَتَعَادَى فيهِ وَأنْ تَتَفَانَى
غَيرَ أنّ الفَتى يُلاقي المَنَايَا ... كالِحَاتٍ وَلا يُلاقي الهَوَانَا
وَلَوَ أنّ الحَيَاةَ تَبْقَى لِحَي ٍّ ... لَعَدَدْنَا أضَلّنَا الشّجْعَانَا
وَإذا لم يَكُنْ مِنَ المَوْتِ بُدٌّ ... فَمِنَ العَجْزِ أنْ تكُونَ جَبَانَا
كلّ ما لم يكُنْ من الصّعبِ في ... الأنــفُسِ سَهْلٌ فيها إذا هوَ كانَا.
الاعشى
صَحا القَلبُ من ذِكْرَى قُتَيلَة َبعدما ** يَكُونُ لهَا مِثْلَ الأسِيرِ المُكَبَّلِيجولُ وشاحاها على أخمصيهما، ** إذا انْفَتَلَتْ جالاً عَلَيها يُجَلْجِلُ
فقدْ كملتْ حسناً فلا شيءَ فوقها، ** وإني لذو قولٍ بها متنخَّلِ
وقدْ علمتْ بالغيبِ أني أحبها ** وأنّي لنفسي مالكٌ في تجملِ
وَإني إذا مَا قُلْتُ قَوْلاً فَعَلْتُهُ، ولستُ بمخلافٍ لقولي مبدِّلِ
تَهَالَكُ حَتى تُبْطِرَ المَرْءَ عَقْلَهُ ** وَتُصْبي الحَليمَ ذا الحِجى بالتّقَتّلِ
إذا لبستْ شيدارة ً ثمّ أبرقتْ ** بمِعْصَمِهَا، وَالشّمْسُ لمّا تَرَجّلِ
وألوتْ بكفٍّ في سوارٍ يزينها ** بنانٌ كهدّابِ الدِّمقسِ المفتَّلِ
رَأيْتَ الكَرِيمَ ذا الجَلالَة ِ رَانِياً ** وقدْ طارَ قلبُ المستخفّ المعدَّلِ
الشنفري
فَيَا جَارَتِي وأنْتِ غَيْرُ مُلِيمَة ٍ*** إذا ذُكِرَتْ ولا بِذَاتِ تَقَلَّتِلَقَدْ أعْجَبَتْنِي لا سَقُوطاً قِنَاعُها *** إذا مَشَتْ ولا بِذَاتِ تَلَفُّتِ
تَبيتُ، بُعَيْدَ النَّوْمِ، تُهْدِي غَبُوقَها *** لِجَارتِها إذا الهَدِيَّة ُ قَلَّتِ
تَحُلُّ، بِمَنْجاة ٍ مِنَ اللَّوْمِ، بَيْتَها *** إذا ما بُيُوتٌ بالمَذَمَّة ِ حُلَّتِ
كأنّ لها في الأرْضِ نِسْيا تَقُصُّهُ *** على أمُهِّا وإنْ تُكَلِّمْكَ تَبْلَتِ
أمَيْمَة ُ لا يُخزي نَثَـاها حَلِيلَها *** إذا ذُكِرَ النّسْوَانُ عَفَّتْ وَجَلَّتْ
إذَا هُوَ أمْسَى آبَ قُرَّة َ عَيْنِهِ *** مَآبَ السَّعِيدِ لم يَسَلْ: أينَ ظَلَّتِ
فَدَقَّتْ،وَجَلَّتْ،واسْبَكَرَّتْ،وأُكْمِلَتْ ***فَلَوْ جُنَّ إنْسَانٌ من الحُسْنِ جُنَّتِ.
عنترة
وفي أرضِ الحِجازِ خِيامُ قَوْمٍ *** حلال الوصل عندهم حراموبينَ قبابِ ذاكَ الحيِّ خَوْدٌ *** رداحٌ لا يماط لها لثام
لها من تحت برْقُعِها عيونٌ *** صِحاحٌ حَشْو جَفْنيها سَقامُ
وبينَ شِفافها مِسْكٌ عَبيرٌ *** وكافورٌ يمازجهُ مُدام
فما للبدر إنْ سفرتْ كمالٌ *** وما للغصنٍ إنْ خطرتْ قوام
يلذُّ غرَامُها والوجدُ عِندي *** ومنْ يعْشَقْ يلَذ له الغرامُ